الرئيسية / آراء ومقالات / دور الإعلام أثناء الأزمات والكوارث

دور الإعلام أثناء الأزمات والكوارث

الدكتور : صالح بن حمد التويجري

نظرا لتعدد الأزمات وتنوعها وتصاعد حدتها، تبرز أهمية الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في إدارة الأزمات سواء من حيث دورها في أحداثها أو الإسهام في تفاقمها أو حلها، فالأجهزة الإعلامية تسيطر على المعلومات، وتعمل على تحديد ما يصل إلى الجمهور من أخبار وكيفية تفسيرها له، ومن خلال تناول الإعلام أو عدم تناوله قضايا يمكن أن تؤثر في السياسات العامة التي تتخذ، وكيفية تنفيذها، والأحداث التي تتم تغطيتها، والطريقة التي يقدمون بها الموضوع، والتي يمكن أن تحدد أو تُظهر الأحداث، وتشكل اتجاهات الرأي العام، لذا لا بد من وضع الأسس عند تصميم خطة إعلامية للأزمات، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية، نجد أن الإعلام يُمثل بؤرة اهتمام الرأي العام عند حدوث الأزمات، كما يمكن للإعلام أن يؤدي دورًا مهمًا وحيويًا في التوعية بالأزمات المحتملة. ويتمثل دور الإعلام الرئيس في التأكيد على مصلحة المواطن، وتبصيره لكل ما يمكن أن يضره، وإيجاد إحساس بالمسؤولية الجماعية، وتأكيد روح التكامل والتعاون بين المواطنين.

ومن ناحية ثالثة، أن التهديدات والأخطار المرتبطة بالأزمة ترفع من درجة التوتر واللاعقلانية عند الجمهور، ومن ثم يكون أكثر عرضة للاستهواء والوقوع تحت تأثير الشائعات، فمن الضروري تكرار الرسائل التحذيرية، وكلما زادت المصادر التي يسمع منها الفرد رسالة التحذير والدفاع، زاد الاعتقاد في مصداقيتها؛ ولذلك فإن استخدام مصادر وقنوات إعلامية متعددة يزيد من احتمال وصول التحذير أو المعلومة بالنظر إلى فئات مختلفة من الجمهور، كما أنه يؤدي إلى التغلب على حالات التشتت المعتاد التي تنتاب بعض فئات الجمهور. لابد أن يتم إعلام المواطنين وتوعيتهم بالدور المطلوب منهم، والقيام به عند وقوع الأزمة، وهذا يُؤدي إلى المساعدة بدرجة كبيرة على مواجهة الأزمة، ومن ثم يتطلب إعداد وتنفيذ خطط إعلامية وتوعوية في أثناء مراحل الأزمة، وذلك من خلال الآتي:

مرحلة ما قبل انفجار الأزمة: ويتم تنفيذ الإجراءات التالية:

  • إشباع رغبة الجمهور للمعلومات.
  • اتباع تغطية إعلامية (تحليلية)، وتفسيرية، ونقدية.
  • تناول الأبعاد المختلفة للأزمة.
  • تحليل أسباب الأزمة.
  • إلقاء الضوء على الأطراف المختلفة للأزمة.
  • توحيد مصطلحات الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية وغيرها، عن طريق وسائل الإعلام، وأن تعمم هذه المصطلحات في رسائلها المختلفة.

مرحلة الأزمة: ويجب الحرص على الأمور الآتية

  • المواكبة الدائمة والدقيقة للتغير الحاصل في ميدان الأزمة، ومعرفة مواقف الأطراف المختلفة المعنية.
  • المتابعة الدائمة والمستمرة للإعلام الخصم، وتحليل مضمونه وأساليبه وتحديد أشكال وطرق الرد عليه، وتحصين الرأي العام من أخطاره، مع ضرورة مصداقية الإعلام الموجه إلى الخصم والموجه إلى الداخل.
  • الحرص على إنتاج خطاب إعلامي للأطراف الخارجية يُناسب موقف هذه الأطراف من الأزمة.
  • ضرورة إعداد الرأي العام لتقبّل نتائج الأزمة.

مرحلة ما بعد الأزمة: وفيها يتم إنجاز المهام التالية:

  • عدم التوقف فجأة عن الاهتمام بالأزمة، وعدم ترك الجمهور في فراغ، مع التدرج في تخفيف التغطية الإعلامية للأزمة.
  • ضرورة التركيز في هذه المرحلة على استخلاص العبر والدروس المستفادة من الأزمة، بالاعتماد على الخبراء والمتخصصين وقادة الرأي في تقديم رؤية متعمقة للأزمة والدروس المستفادة منها.
  • ضرورة إجراء عملية تقييم شاملة، عن مدى واقعية وسائل الإعلام المختلفة، وتجاوب الجمهور معها، ومجابهة الإعلام المضاد.

مظاهر وأوجه الخلل في المعالجة الإعلامية للأزمات والكوارث

لأزمة الإعلام مظاهر عدة تُعَد قرائن قاطعة وشهادات إدانة للممارسات الإعلامية، التي يغلب عليها حرب الكلمات، بينما يُفترض أنها مُمارسة مسؤولة تُسهم في حل المشكلات لا تعقيدها، وإنهائها لا استمرارها وتراكمها، ومن أهم هذه الظواهر:

– التطفيف الإعلامي: الذي يشير إلى تجزيئية معيبة في نقل الحقائق، وانتقائية مشبوهة للقضايا والموضوعات والمواقف والنتائج بحسب المصلحة
– إعلام المبالغة والتهويل: وهو جزء من نظام إعلامي يُعتم على خطوط المبالغة والكذب، وفيه تظهر المبالغات والتناقض قبل المشكلة أو الأزمة وين أثنائها وبعدهما.
– الحجر الإعلامي والتعتيم على الآراء المخالفة: وذلك في سياق احتكار المعلومات لصالح جهات محددة.
– التبعية الإعلامية: سواء بالنسبة للسلطة، أو للنظام الإعلامي الدولي وفق علاقات القوى والسيطرة على مصادر المعلومات.
– عيوب التشخيص الإعلامي: الذي يتعامل مع الأشخاص والقيادات على حساب القضايا الأساسية.

تنويه : المقالات المنشورة باسم أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المنظمة

عن التحرير

شاهد أيضاً

رصد وصول ١١٧٤ شاحنة مساعدات المركز العربي للاستعداد للكوارث : الاحتلال الإسرائيلي دمر الخدمات الصحية في غزة

وثق المركز العربي للاستعداد للكوارث التابع للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر “آركو” في بيان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.