الرئيسية / حوارات / رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير ل”معكم” : إننا نعاصر ثقافة الاستقطاب وعدم الثقة مما قد ينتج عنها الكراهية والتعصب وحتى العنف
Peter Maurer ©ICRC
Peter Maurer ©ICRC

رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير ل”معكم” : إننا نعاصر ثقافة الاستقطاب وعدم الثقة مما قد ينتج عنها الكراهية والتعصب وحتى العنف

سألت مجلة معكم  السيد بيتر ماورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول رؤية اللجنة الدولية في مواجهة التعصب والتمييز العنصري من خلال تفعيل التسامح، كقيمة إنسانية وأخلاقية تعزز التعايش والأمن والاستقرار في المجتمعات وتخفف من حدة النزاعات السلحة وتأثيراتها،  فأجاب:

تواجه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مناطق النزاعات حول العالم بيئات بالغة الصعوبة. تتراوح بين النزاعات المطوّلة والحضرية، إلى الصدمات المناخية، والنزوح والهجرة، والتهديدات التي يتعرض لها المجال الإنساني، وتدفق الأسلحة دون قيود، وعدم المساواة، والفساد، والحوكمة الفاشلة… وتمتد القائمة إلى ما لا نهاية.

كما أدت جائحة كوفيد-19 إلى تسارع وتيرة العديد من الأزمات القائمة، مما تسبب في إضافة بعُد جديد من اليأس في المجتمعات وكشف النقاب عن مدى هشاشة كل من النظام الصحي والاجتماعي والاقتصادي في الكثير من البلدان.

كانت هذه المواضيع محور النقاشات التي جرت بيني وبين السلطات أثناء زيارتي لدول مجلس التعاون الخليجي في شهر ديسمبر 2020 عندما ألقيت كلمة في حوار المنامة الذي يقيمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

إضافة إلى ذلك، نعم أنا مؤمن بأننا نعاصر ثقافة الاستقطاب وعدم الثقة، الأمران اللذان من شأنهما غرس بذور خطيرة قد ينتج عنها الكراهية والتعصب وحتى العنف.

وفي هذا السياق الصعب، تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصفتها منظمة إنسانية مستقلة غير متحيزة ومحايدة. فهذه هي المبادئ التي توجه كل ما نقوم به والتي نتمسك بها ولا نحيد عنها أبدا.

هذه المبادئ هي مبادئنا الرئيسة، والتي تتشاركها جميع مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي التي تلهم عملنا وقراراتنا وتوجهها، ولكنها أيضاً بمثابة الهوية والهدف المشتركَين للحركة الدولية. وقد تبلورت هذه المبادئ بناء على الخبرات التي اكتسبتها الحركة الدولية من خلال الاستجابة للمعاناة والاحتياجات على مدى القرن الماضي. وقد التزمت جميع مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، بما في ذلك الجمعيات الوطنية الأعضاء في المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر (آركو)، بالامتثال لهذه المبادئ الرئيسية في جميع الأوقات والظروف. كما ألهمت بعض هذه المبادئ مثل الإنسانية وعدم التحيز القطاع الإنساني بأكمله وعمله بشكل عام.

وتعتمد المهمة المكلفة بها اللجنة الدولية على مبدأ عدم التمييز بين المتضررين من الحروب، فأولويتنا هي توفير المساعدة العاجلة لمن يحتاجها، بغض النظر عن الجنسية أو أي تصنيف آخر. نحن نقدم الدعم المباشر للأشخاص المتضررين من النزاعات والعنف حول العالم، بالإضافة إلى تخفيف الأذى ومنعه من خلال الحث على تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني وتقيُّد جميع حاملي السلاح به.

يعد هذا المنهج ضرورياً لكي تكسب اللجنة الدولية ثقة الأطراف في النزاعات، الأمر الذي يؤدي إلى السماح للجنة الدولية بدخول مناطق لا يُسمح للآخرين بدخولها.

على سبيل المثال، فقد قمت بزيارة أوكرانيا مؤخراً، واللجنة الدولية هناك هي المنظمة الإنسانية الوحيدة الموجودة على الأرض وتعمل بنشاط مع جميع أطراف النزاع. يعرف من نعمل معهم أن اللجنة الدولية تعمل بطريقة غير مُسيّسة، حيث ندعو للحلول الإنسانية ونرفع الوعي حول حاجات جميع المتضررين من النزاع والعنف، دون أي تحيز سياسي.

وحتى في خضم أكثر النزاعات فتكاً، ترى اللجنة الدولية، بصفتها وسيطا محايدا، كيف يمكن للأهداف الإنسانية المشتركة مساعدة الأطراف المختلفة على الوصول إلى نقاط مشتركة للتوافق، سواء من خلال إطلاق سراح الأسرى من قبل طرفي النزاع بشكل متزامن مثلما فعلت اللجنة الدولية في اليمن، أو إجلاء الجرحى، أو الأنشطة الإنسانية عبر خطوط المواجهة، أو تبادل رفات الموتى بشكل يصون كرامة الإنسان.

ويمكن لإجراءات بناء الثقة، عند بناءها على أسس إنسانية، أن تضع الأركان لإصلاح العلاقات بين الأطراف المتحاربة مما سيفضي في نهاية المطاف إلى الاستقرار.

يضع القانون الدولي الإنساني القواعد التوجيهية للأطراف المتحاربة لضمان الحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية في النزاعات، والحيلولة دون إلحاق الضرر بالمدنيين.

وعلى المدى الأطول، فإن الفائدة الدائمة من القانون الدولي الإنساني هي تشكيل السلوكيات التي لا تحول دون تفاقم معاناة البشر خلال الحرب فحسب، بل تساهم في الصلح المستقبلي من خلال القيام بذلك. إن اجتثاث جذور الكره والتعصب اللذَين نراهما بكثرة في المجتمعات هو عنصر أساسي.

يمكن لكل منا أن يؤدي دوراً في الحد من التعصب من خلال نشر المعرفة واحترام التنوّع وعدم التمييز. يجب أن نسعى لنشر الرحمة والإحسان والصداقة والفهم المتبادل والسلام، فلا يمكننا تحقيق السلام في وجود التعصب. وعلى ذات الغرار، نحن بحاجة للوقوف ضد التمييز السلبي على أسس مثل الجنسية أو العرق أو الأصل إلخ. كما يمكننا على نحو أكثر حذرا أيضاً التقيّد بالابتعاد عن الخلافات ذات الطبيعة السياسية، أو العرقية، أو الدينية، أو الأيديولوجية وذلك لنشر التسامح بشكل أكبر. وبشكل حاسم، فإن المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر يمكنها أن تساهم في هذه الجهود من خلال نشر المعرفة واحترام التنوّع وعدم التمييز بالإضافة إلى المساهمة في نشر المبادئ الأساسية والقيم الإنسانية.

*** لتحميل العدد الخاص بالتسامح اضغط هنا

 

تنويه : المقالات المنشورة باسم أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المنظمة

عن التحرير

شاهد أيضاً

أمين رابطة العالم الإسلامي في حوار شامل مع مجلة (معكم): التسامح ليس ضعفاً أو استسلاماً أو تفريطاً في الحقوق

أكد معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم  العيسى؛ أن التسامح قيمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.