الرئيسية / حوارات / رئيس البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر لدول مجلس التعاون لـ”معكم” : قنواتنا مفتوحة مع الأطراف المتنازعة لتعزيز الوعي بالقانون الدولي الإنساني

رئيس البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر لدول مجلس التعاون لـ”معكم” : قنواتنا مفتوحة مع الأطراف المتنازعة لتعزيز الوعي بالقانون الدولي الإنساني

 حوار : راضية صحراوي

 

  • تسهيل الوصول الآمن للضحايا بالتنسيق مع الأطراف المتنازعة
  • شراكة استراتيجية مع الهيئات والجمعيات الخليجية لتعزيز العمل الإغاثي والوقائي
  • مستمرون في لم شمل الأسر المتفرقة والبحث عن المفقودين لحفظ الكرامة الإنسانية
  • الحكومات معنية بزيادة الاستثمار في حماية الفئات الضعيفة من تغيّر المناخ
  • تمكنا من إغلاق ملفات بعض المفقودين الكويتيين في العراق وإعادتهم إلى بلادهم

 

أكد رئيس البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر لدول مجلس التعاون الخليجي الدكتور عمر عودة، أنهم مستمرون في فتح قنوات التواصل مع الأطراف المتنازعة لتعزيز الوعي بالقانون الدولي الإنساني، وتسهيل الوصول الآمن للضحايا والمتضررين من النزاعات، لافتاً في حوار أجرته معه مجلة “معكم” الصادرة عن المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر إلى أن شراكتهم مع هيئات وجمعيات الهلال الأحمر في دول مجلس التعاون تهدف لتعزيز العمل الوقائي والإغاثي وبناء القدرات وتخفيف المعاناة وحفظ الكرامة الإنسانية، مشيراً إلى اهتمامهم بحماية المستضعفين من آثار تغيّر المناخ، مشدّداً على ضرورة استثمار الحكومات في حماية الفئات الأكثر ضعفاً من هذه الآثار، وكشف أن البعثة الإقليمية تمكنت من إغلاق ملفات بعض المفقودين الكويتيين في العراق وإعادتهم إلى بلادهم.

وقال ” عودة” : تفقد الكثير من العائلات ذويها بسبب الحرب التي لم تهدأ رحاها بعد، وتتقطع بهم السبل في إيجاد بصيص أمل يشفي غليلهم في العثور على ذويهم، وتعتبر البعثة الإقليمية للجنة الدولية من بين المنظمات الإغاثية التي حملت على عاتقها عملية البحث عن المفقودين، وتعمل على تكثيف  الزيارات للمساجين والأسرى من أجل ضمان معاملة أكثر إنسانية للمحتجزين.

فإلى مضامين هذا الحوار مع الدكتور عمر عودة، والذي كشف فيه عن أهم التحديات التي تواجه البعثة، والتعاون المثمر مع الجهات الرسمية والخاصة في دول مجلس التعاون وكذا الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر.

 

1ـ ما هي المهام الإنسانية للبعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في دول مجلس التعاون الخليجي؟

ــ يرتكز عمل اللجنة الدولية خصوصاً في مناطق النزاع المسلح حول العالم، وهي للأسف كثيرة جداً، أما فيما يخص مهام البعثة الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي فإن عملها ينصب في إطار ثلاث محاورأساسية: الحماية والوقاية والدبلوماسية الإنسانية.

يتعلق المستوى الأول بزيارة المحرومين من حريتهم والبحث عن المفقودين الكويتيين جراء حرب الخليج، وتسعى البعثة الإقليمية بالتنسيق مع شركائها بدول مجلس التعاون إلى تحسين ظروف عيش ومعاملة المحتجزين، إضافة إلى لم شمل الأسر المشتتة وتيسير خدمة التواصل مع ذويهم، كما تعمل اللجنة على نشرالمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني في شتى فئات المجتمع خاصة القوات العسكرية والجامعات والقضاة وقوى الأمن والإعلام وغيرهم. أما في ما يخص الدبلوماسية الإنسانية فإن البعثة الإقليمية تسعى إلى فتح قنوات العمل الإنساني مع كل الجهات مما يضمن خدمة أكثر فاعلية للفئات المتضررة .

ويأتي الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى ما بين اللجنة الدولية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي في إطار تعميق هذا التعاون. وتسعى اللجنة الدولية بالشراكة مع جمعيات وهيئات الهلال الأحمر ووزارات ومعاهد القضاء والمعاهد الدبلوماسية وجمعيات خيرية أخرى لرفع قدرات العاملين في المجال الإنساني من خلال ورش عمل كالمنتدى السنوي الكويتي للعمل الإنساني والإجتماعات الإقليمية لإعادة الروابط العائلية بالإضافة للدورات الروتينية حول الوصول الآمن والإعلام وأخرى موجهة للقوات المسلحة والشرطة.

كما تعمل البعثة الإقليمية من خلال مكتبها بسلطنة عمان على تقديم الدعم اللوجيستي للعمليات الإنسانية في اليمن. وللجنة الدولية مكتب في المدينة العالمية الإنسانية في دبي بالإمارات العربية المتحدة لتسهيل الحوار مع أطراف النزاع فيما يخص سير الأعمال القتالية واحترام القانون الدولي الإنساني.

وخلال الزيارة الأخيرة لرئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر السيد “بيتر ماورير “للإمارات العربية المتحدة اتفق الطرفان على زيادة التنسيق وتعزيز التعاون فيما بينهما وخاصة فيما يتعلق بالعمليات الإنسانية التي تقوم بها اللجنة الدولية في اليمن وسوريا ودول أخرى في المنطقة تشهد نزاعات مسلحة.

وخلال زيارة للمملكة العربية السعودية التقى رئيس اللجنة الدولية ولأول مرة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكان هذا مؤشراً على ارتقاء العلاقة إلى مستويات لم تشهدها من قبل، وفتحت هذه الزيارة باب التنسيق والتعاون ما بين اللجنة الدولية ومختلف الأوساط السياسية والدبلوماسية والعسكرية بما يتعلق بالنزاع المسلح في اليمن.

ومنذ مارس 2015 بدأت تتسع نشاطات البعثة الإقليمية لكي تدعم بصورة أكبر بعثة اللجنة الدولية بصنعاء. ونشير في هذا السياق إلى التطور الإيجابي على مستوى الحوار الثنائي السري مع قيادة قوات التحالف فيما يخص العمليات العسكرية في اليمن المنجزة من قبل التحالف. هذا الحوار الذي يستند أساساً إلى القانون الدولي الإنساني وتطبيق مبادئه أثناء سير العمليات العسكرية. ويشتمل حوار اللجنة الدولية مع قيادة القوات المشتركة على زيارة الأشخاص المحتجزين في المملكة بما له علاقة بالنزاع في اليمن وإعادة القصَر من المملكة إلى ذويهم في اليمن.

حوارات استراتيجية:

2ـ ما مدى التعاون بين البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعيات وهيئات الهلال الأحمر في دول مجلس التعاون الخليجي؟

ــ تعتبر جمعيات وهيئات الهلال الأحمر الشريك الأول للجنة الدولية للصليب الأحمر بدول مجلس التعاون الخليجي، وتشمل هذه الشراكة أربعة مجالات رئيسية هي: الشراكات والعمل الإغاثي، الوقاية، الحوارات الاستراتيجية وبناء القدرات التي من شأنها جميعاً توحيد الرؤى وخلق بيئة ملائمة للعمل المشترك.

أما على مستوى العمل الميداني والإغاثي فقد تم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم بين اللجنة الدولية وبعض الجمعيات الوطنية الخليجية لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات المسلحة في أماكن كثيرة في العالم. يتضمن هذا التعاون العديد من البرامج المشتركة التي استفاد منها العديد من المتضررين سواء في العراق، اليمن، لبنان، الأراضي المحتلة بفلسطين، ميانمار وسوريا ودول الساحل الإفريقي.

ويجدر بنا هنا أن نؤكد على أهمية الحوار الاستراتيجي القائم بين اللجنة الدولية وبعض الجمعيات والهيئات الوطنية الخليجية بالتنسيق مع وزارات خارجية دولها. هذا الحوار الاستراتيجي ذو الأهمية الكبيرة دليل على عمق التعاون المتبادل وتعكس هذه الشراكات وغيرها التزام كل من اللجنة الدولية وجمعيات الهلال الأحمر بالعمل يداً بيد من أجل تخفيف المعاناة وحفظ الكرامة الإنسانية.

حماية الفئات الضعيفة:

3ـ أُثيرت مؤخراً أزمة التغيّر المناخي في العالم أثناء انعقاد اجتماعات منظمة الأمم المتحدة بنيويورك، ونظرا لتعرض العالم للإهدار الكبير لموارد الغذاء والماء ومن ثم تراجع معدل دعم الحكومات للمشاريع الإنسانية خاصة لمناطق النزاع المسلح والدول الافريقية الفقيرة والمليئة بالأوبئة، كيف تواجه اللجنة الدولية للصليب الأحمر هذا الشح في الموارد المالية؟

إن موجات الحر هي واحدة من أشد الأخطار الطبيعية المميتة التي تواجه البشرية، وسوف يصبح التهديد الذي تشكله أكثر خطورة وأكثر انتشارًا مع استمرار أزمة المناخ، ولذلك تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على ضرورة التركيز على حماية المستضعفين من آثار تغير المناخ، هذا ما يشاهده موظفو ومتطوعو الصليب والهلال الأحمر في جميع أنحاء العالم، والذين يرون كل يوم الآثار المدمرة لتغير المناخ وخاصة المجتمعات المعرضة له بشكل مباشر.

كما انه من الضرورة قيام الحكومات بزيادة الاستثمار بشكل كبير وعاجل في تدابير حماية ودعم الفئات الأكثر ضعفاً، خاصة أن الآثار الأولى لتغيّر المناخ تصيب أولا المجتمعات الأكثر فقراً وهي الأكثر تعرضاّ للخطر في العالم. فهذا هو المكان الذي يجب استثمار الكثير من المال والإرادة السياسية فيه. وبما أن ظهور موجات الحر تأتي كتهديد قاتل للبلدان المتقدمة والنامية، لذلك تشدد اللجنة الدولية على أنه يتوجب على دول العالم اتخاذ خطوات الآن لضمان حماية الفئات الأكثر ضعفا، بما في ذلك كبار السن والمرضى والصغار والأشخاص المعزولين اجتماعياً. ويقدم مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر لمخططي المدن ملخصًا موثوقًا بالإجراءات التي يمكنهم اتخاذها لتقليل خطر موجات الحرارة، والتي يتم تعريفها على أنها فترة زمنية تكون فيها درجات الحرارة مرتفعة بشكل غير عادي وخطرة على صحة الإنسان ورفاهيته.

دعم مادي ودبلوماسي:

4ـ هل هناك تعاون بين البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر والجهات الرسمية والخاصة في دول مجلس التعاون؟ وما هي أوجه هذا التعاون؟

ــ وصل التعاون والتنسيق بين اللجنة الدولية ودول مجلس التعاون الخليجي إلى مستويات عالية جداً وهذا من خلال انفتاح حكومات هذه الدول على التعاون البناء مع اللجنة سواء من خلال الدعم المادي أوالدبلوماسي لتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً والمتضررة من النزاعات في أنحاء العالم. وتعتبر دولة الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة اليوم من أهم الداعمين لأنشطة اللجنة الدولية مما حدا بها أن تكون عضواً في مجموعة المانحين وهو ما كان له الأثر الإيجابي على عمل اللجنة وتوسيع أنشطتها.

لم شمل الأسر المتفرقة:

5ـ تضطلع اللجنة الدولية بدور كبير في عمليات البحث عن المفقودين وزيارة المعتقلين في السجون، ما هو طبيعة هذا الدور المنوط باللجنة الدولية؟ وهل هناك تقدم في هذا المجال؟

ــ تعد عملية البحث عن المفقودين وزيارة السجون من أهم أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وفي هذا الإطار تقوم اللجنة الدولية بالتنسيق مع السلطات المعنية في الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية بزيارة عدد من أماكن الاحتجاز بدولة الكويت والبحرين والسعودية وقطر وذلك بهدف التأكد من أن المحتجزين يعاملون بكرامة إنسانية وفقاً للقواعد والمعايير الدولية، كما يقع على عاتق اللجنة الدولية إعادة شمل الأسرالمتفرقة وذلك بالتنسيق مع الجمعيات الوطنية التي بدورها تجري طلبات البحث وتحولها للجنة الدولية.

إعادة رفاة مفقودين كويتيين:

6ـ وماذا عن رفاة المفقودين الكويتيين بالعراق؟

فيما يتعلق برفاة المفقودين الكويتيين في العراق استطاعت اللجنة الدولية بالتنسيق مع وزارة الدفاع العراقية وزارة الخارجية الكويتية إعادة رفاة مفقودين يعتقد بأنهم كويتيون، وسُلمت الى الكويت في شهر أغسطس من العام الجاري ومازالت السلطات الكويتية تجري عمليات الفحص الجيني للتأكد من هوياتهم ومطابقتها لسجل العينات الجينية للمفقودين الكويتيين. واستمرت اجتماعات اللجنة الثلاثية المكونة من العراق والكويت واللجنة الدولية للصليب الأحمرمنذ عام 1994 في محاولة للتوصل لمعرفة مصيرالمفقودين وتمكنت من معرفة مصير بعض المفقودين وإغلاق ملفاتهم. ولكن تواجه اللجنة الثلاثية عدة تحديات فيما يتعلق بالمضي قدماً نحو البحث عن الأشخاص الذين مازالوا مفقودين وخاصة التحديات التي سببها انقضاء زمن طويل منذ توقف النزاع.

الوصول الآمن للضحايا:

7ـ ما هي أهم الصعاب التي تواجهها اللجنة الدولية وتعيق تسهيل مهامها؟

تتعرض اللجنة الدولية للعديد من الصعوبات في أداء مهامها خاصة في مناطق النزاع المسلح والتي تتعلق بالوصول الآمن للضحايا والمتضررين، ويزيد الأمر تعقيداً تواجد العديد من الأطراف المتنازعة مع جيوش نظامية ومجموعات مسلحة في مكان واحد تجعل من إغاثة المتضررين تحديا جدياً ويشكل خطراً على سلامة العاملين في المجال الإنساني. وتسعى اللجنة إلى فتح قنوات للتواصل مع الاطراف المتنازعة لتعزيز الوعي بالقانون الإنساني الدولي بما يسمح بوصول أكثر سلامة للمتضررين وعمال الإغاثة ولضمان معاملة أكثر انسانية للمحتجزين. ويعكس الارتفاع في عدد قتلى وجرحى واختطاف العاملين في المجال الإنساني جدية هذا التحدي.

احترام اتفاقيات جنيف:

8ـ يصادف العام 2019 مرور 70 عاماً على اتفاقيات جنيف الأربع، كيف أبرزتم هذه المناسبة في أنشطتكم بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي؟

لا زال التحدي الأكبر لاتفاقيات جنيف ــ رغم مرور 70 عاماً عليها ــ يكمن في احترامها وتطبيقها خلال العمليات العدائية، وبغير هذا الاحترام والتطبيق تبقى هذه الاتفاقيات حبراً على ورق لا قيمة لها. ولقد احتفلت اللجنة الدولية بهذه المناسبة بالتعاون مع اللجان الوطنية للقانون الدولي الإنساني والجمعيات والهيئات الوطنية للهلال الأحمر وشركاء آخرين في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث نُظمت فعاليات لمدة يوم في كل من الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة، وقد حضرها ممثلون عن وزارات مهمة وألقوا كلمات الافتتاح وحثوا فيها على احترام القانون الدولي الإنساني وعموده الفقري اتفاقيات جنيف الأربع، كما حضرها مهتمون بالقانون ومحامون وصحفيون الذين غطوا بدورهم هذه الفعاليات في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وعلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ويجري التحضير لثلاث احتفالات أخرى في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وسلطنة عمان.

 

تنويه : المقالات المنشورة باسم أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المنظمة

عن التحرير

شاهد أيضاً

سفير جيبوتي وعميد السلك الدبلوماسي بالرياض لمجلة “معكم”: سعيد بالإنجازات التي تحققت في المنظمة العربية

تحدث الدكتور ضياء الدين بامخرمة سفير جيبوتي  وعميد السلك الدبلوماسي بالمملكة العربية السعودية في هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.