الرئيسية / الموسوعة القانونية / سير العمليات العدائية في القانون الدولي الإنساني

سير العمليات العدائية في القانون الدولي الإنساني

الدكتور / معز خليفة الهذلي

” حيث تعرف قوانين الحرب يقل عدد ضحايا النزاعات المسلحة “
“لا يعذر الجاهل بجهله للقانون “

أولا : تعريف القانون الدولي الإنساني

  • القانون الدولي الإنساني = قانون النزاعات المسلحة = قانون الحرب.
  • هو أحد فروع القانون الدولي العام ويتكون من جملة القواعد القانونية المكتوبة والعرفية التي تحمي ضحايا النزاعات المسلحة كما تهدف الى حماية الأموال التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية .
  • القانون الدولي الإنساني ولد من رحم الحروب معنى ذلك أنه جاء ليأنسن الحرب أي ليضع لها حدود أخذا بالمقتضيات الإنسانية .
  • القانون الدولي الإنساني وكما جاء في التعريف يحمي ضحايا النزاعات المسلحة معنى ذلك وأنه يطبق في حالة النزاع المسلح .
  • معنى ذلك وأنه قانون ظرفي / وقتي مرتهن بحالة النزاع المسلح ( يختلف عن قانون حقوق الإنسان ) .

ثانيا : الإسلام وقوانين الحرب

جاءت الشريعة الإسلامية بأحكام وقواعد تنظم سلوك الدولة والأفراد في زمني السلم والحرب : وفي ما يلي بعض أحكام النزاعات المسلحة في الإسلام على ضوء الكتاب والسنة ووصايا الخلفاء التي أسس عليها الفقهاء آرائهم المختلفة :

1. القرآن :

 يعتبر القرآ ن الكريم وأن الأصل في العلاقات البشرية هو السلم والآيات الدالة على ذلك كثيرة :

 قوله تعالى : ” (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ” ( المائدة 1 ) .

 وقوله : ” ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ﴾ ، ( الإسراء 34 ) .

 كقوله تعالى : ” ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) ”
( البقرة 208 ) .
 وقوله أيضا : ” (وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( ”
( الأنفال 61 ) .

 وقوله أيضا : ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ” ( الأنفال 60 ) . وقوله تعالى : ” إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ .” ( آل عمران 19 ) .

 وفي الأسرى قال تعالى : ” وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿8﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا ﴿9﴾ ( الإنسان )

 وقوله تعالى : ” )فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ(6)) محمد 4 ) .
 تحريم الحرب العدوانية :
القتال محصور في الفئات المقاتلة قوله تعالى : ” وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ”
( البقرة 190 ) .

2.السنة النبوية :

كم هي عديدة الشواهد في كتب حديث السيرة ، ويكفي إعطاء بعض الأمثلة : عندما فتح المسلمون مكة نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل الجرحى والأسرى ومطاردة الفارين ، بل شمل عفوه أهل مكة عندما قال لهم ” إذهبوا فأنتم الطلقاء“ . كما أوصى عليه أفضل الصلاة والسلام بتحريم قتل وليدا أو إمرأة أو كبيرا أو فانيا وقطع الشجر و…..
• وقوله صلى الله عليه وسلم : ”أنا نبي الرحمة ، ونبي الملحمة ” .
• وقوله ” فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ” .
• وقوله : ” إن النار لا يعذب بها الأ الله ” .
• وقوله أيضا : ” إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا ” .
• وقوله : ” إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال : هذه غدرة فلان إبن فلان ”.
• وقوله :“ الراحمون يرحمهم الرحمن ”.
• وقوله :“ إستوصوا بالأسارى خيرا ” .
• وقوله : ” فكوا العاني وأطعموا الجائع ” .

3.وصايا الخلفاء :

وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه الى الجيوش المتوجهة الى الشام سميت بالوصايا العشر:
( يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني):

• لا تخونوا
• ولا تَغُلُّوا
• ولا تغدروا
• ولا تمثلوا …
• ولا تقتلوا طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً ولا امرأة …
• ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة …
• ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة
• وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له
• وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منها شيئا فاذكروا اسم اللّه عليها
• وتلقون أقواما قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقاً …

ثالثا:  نطاق تطبيق القانون الدولي الإنساني:

1- حالات النزاعات المسلحة الدولية : ( يكون النزاع بين دولتين فأكثر )

2- حالات النزاعات المسلحة غير الدولية ( داخل إقليم الدولة : بين القوات النظامية وقوات منشقة ، أو بين فصائل مسلحة تحمل السلاح … ويشترط أ يبلغ النزاع مستوا من الحدة ) .

رابعا: مشروعية إستخدام القوة في العلاقات الدولية :

إستخدام القوة في العلاقات الدولية ممنوع : الفقرة 4 /2 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة
والإباحة في ثلاث حالات فقط :
1- الأولى بموجب قرار من مجلس الأمن
2- الثانية طبقا للمادة 51 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة
3- والحالة الثالثة هي حروب التحرير الوطني

خامسا: الفئات المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني:

الفئة الأولى : الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان

الفئة الثانية : الجرحى والمرضى والغرقى من القوات البحرية

الفئة الثالثة : أسرى الحرب

الفئة الرابعة : المدنيون ( عززها البروتوكول الأول والثاني ) ويدخل أيضا تحت هذه الفئة :
موظفو الخدمات الطبية وموظفو الخدمات الروحية أو الدينية وموظفو جمعيات الإغاثة التطوعية )
• من هم الأشخاص الذين ليست لهم صفة أسرى الحرب ؟
1- الجواسيس
2- المرتزقة

سادسا: مبادئ القانون الدولي الإنساني :
يقوم القانون الدولي الإنساني في جوهره على جملة من المبادئ وهي كالتالي :
• مبدأ الإنسانية
• مبدأ التفرقة بين المقاتلية وغير المقاتلي والأعيان المدنية والأهداف العسكرية
• مبدأ الضرورة العسكرية
• مبدأ التناسب

سابعا: القانون الدولي الإنساني والأسلحة :

وبصورة أكثر وضوحا فقد أضفى القانون الدولي الإنساني قدرا من الإنسانية على الحرب ،
إذ أن حق الأطراف في إستخدام وسائل وأساليب القتال ليس حقا مطلقا لا تقيده أية قيود . ومن هنا جاءت فاعلية القانون الدولي الإنساني وقوته لأنه لم يمنع الحرب أي بصورة أخرى ليس له علاقة بمشروعية الحرب وإنما إستطاع أن يحد من ويلاتها = يتعامل مع أثارها .
وعليه فإن إستعمال السلاح زمن الحرب لم يعد مطلقا إذ نصت المعاهدات الأولى على :
“حظر إستعمال المقذوفات المتفجرة التي يزيد وزنها عن 400 غرام : إعلان سان بترزبورغ 1868”
وفي عام 1925 تم إعتماد بروتوكول جنيف الذي يمنع إستعمال الغازات السامة ووسائل الحرب الجرثومية ، وقد تم تطوير هذا البروتوكول بإعتماد إتفاقية الأسلحة البيولوجية في سنة 1972 وكذا إتفاقية الأسلحة الكيميائية عام 1993 .
وقد شمل الحظر تطوير هذه الأسلحة وإنتاجها وحيازتها وتخزينها ونقلها والإحتفاظ بها .
كما تنظم نصوص الإتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة لعام 1980 إستخدام عدد من الأسلحة التقليدية .
فهي تحظر إستعمال بعض الأسلحة مثل حظر إستعمال الذخائر ذات الشظايا التي لا يمكن الكشف عنها بواسطة الأشعة السينية .كذلك شمل الحظر اسلحة الليزر المسببة للعمى , وتقييد إستعمال الأسلحة الحارقة والألغام والأشراك.

 بعض الأسلحة المحظورة والمقيدة بموجب القانون الدولي الإنساني:
• المقذوفات المتفجرة
• الرصاصات التي تتمدد في جسم الإنسان ( إعلان لاهاي لعام 1899)
• المواد السامة والأسلحة السامة ( لاهاي 1907 )
• إتفاقية 1972 المتعلقة بحظر الأسلحة البيولوجية
• إتفافقية حظر الألغام المضادة للأفراد لعام 1997
• أتفافقية عام 1993 المتعلقة بحظر إستعمال الأسلحة الكيميائية

وهناك عدد أخر من الأسلحة شمله على حد السواء الحظر أو التقييد ولكن تبقى الأسلحة الكيميائية والنووية من أشد الأسلحة فتكا بالبشرية وهي محظورة وكذلك الذخائر العنقودية والألغام المضادة للأفراد .
وأما القنابل الفسفورية فلم يحضرها ولم يبحها القانون الدولي الإنساني بشكل صريح .

 خلاصة :

أيها المقاتل :

  • لا تقتل إلا المقاتلين.
  • لا تهاجم إلا أهدافا عسكرية.
  • لا تهاجم المدنيين و الأشياء المدنية.
  • لا تدمر أكثر مما تقتضي مهمتك.

• المقاتلون الأعداء الذين يستسلمون:

  • لا تعتدي عليهم.
  • جردهم من أسلحتهم.
  • عاملهم بإنسانية.
  • سلمهم لرئيسك.

1) المقاتلون الأعداء الجرحى:

  • اجمعهم.
  • اعتن بهم.
  • سلمهم لرئيسك.
  • أو سلمهم لأقرب مركز خدمات طبية.

2) الأشخاص المدنيون:

  • احترمهم.
  • عامل الأشخاص الذين يخضعون لسلطتك بإنسانية.
  • احمهم من المعاملة السيئة. إن أعمال الأخذ بالثأر و أخذ الرهائن محظورة.
  • احترم ممتلكاتهم، لا تسبب لها أي أضرار أو تنهبها.

3) الشارات المميزة:

  • احترم الأشخاص الذين يحملون شارات الخدمات الطبية و الدفاع المدني و رجال الدين و الرايات البيضاء.
  • اسمح لهؤلاء الأشخاص بأداء مهامهم ما لم تؤمر بغير ذلك.
  • اترك دور العبادة و الخدمات الطبية و أماكن الآثار كما هي، ما لم تؤمر بغير ذلك.
  • اترك مركبات الاسعاف في طريقها، ما لم تؤمر بغير ذلك.
تنويه : المقالات المنشورة باسم أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المنظمة

عن التحرير

شاهد أيضاً

122 دولة تتبنى معاهدة تحظر الأسلحة النووية

أقرت الأمم المتحدة الجمعة 6 أكتوبر 2017  اتفاقية تفرض حظرا شاملا على تطوير وتخزين الأسلحة النووية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.