منى أبو حمور ـ عمان
منذ العام 1953 وليلى طوقان تواصل ذلك التألق في العمل التطوعي مع جمعية الهلال الأحمر الأردني، محاولة بذلك أن تخط نهجا إنسانيا طالما آمنت به، وأخذت بيد الكثرين ليواصلوا مسيرة التطوع التي تعشق.
إيمان طوقان أن العمل على الجانب الإنساني وتنميته هو أساس تطور المجتمع وحضارته، جعل الاهتمام في هذا الجانب أولى أولويات حياتها وجزءا أساسيا من عملها.
واتخذت طوقان من العمل التطوعي والإنساني طريقا لها منذ أن كانت على مقاعد الدراسة الجامعية، الأمر الذي جعلها ترتبط ارتباطا وثيقا في هذا العمل.
وتسعى طوقان من خلال عملها كعضو لجنة تنفيذية ومشرف في جمعية الهلال الأحمر الأردني في التركيز على العمل في الجانب الإنساني والخيري من خلال هذه الجمعية.
وتهدف طوقان ومن خلال عملها إلى مأسسة العمل وتمكين أوضاع العائلات المحتاجة، وذلك عبر تدريب السيدات والفتيات في مراكز التدريب المهني في تخصصات مختلفة، ومنحهن شهادات معتمدة ومصدقة من قبل وزارة العمل تمكنهن من المنافسة وأخذ أجور مناسبة.
وتمكنت ومن خلال فريق العمل الذي يساعدها على تطوير نوعية التدريب وتحديثها من خلال تعديل المناهج المستخدمة وتطويرها وإعطاء مهارات حياتية وعملية تمكنهن من كيفية إنشاء مشروع صغير والإنتاج المنزلي والعمل فيه، فضلا عن تعريفهن بحقوقهن وتنمية مهارات تواصلهن مع الآخرين.
وتقول “استطعت أن أدخل التدريب والوعي للنوع الاجتماعي والحد من العنف المبني على النوع الاجتماعي، وعدم تهميش فئة على حساب فئة ضمن استراتيجية دولية، لا سيما وأنهم جزء من منظومة دولية لمنظمة الهلال الأحمر والصليب الأحمر الدولية”.
كما تعمل طوقان وفريق العمل في الهلال الأحمر الأردني ضمن استراتيجية تسعى لتقوية المجتمعات المحلية الأردنية، مبينة أنه لا يمكن أن يكون هناك مجتمع قوي ما دام لديه نقاط ضعف؛ حيث لا تقتصر مهامهم على التثقيف المباشر في الشق الإنساني وتقوية قدرات المجتمعات المحلية الأردنية فحسب، بل يقومون بتدريب مجموعة من المدربين يقومون بدورهم بتدريب المجتمع وتوعيته في جانب النوع الاجتماعي وتقبله على مناقشة الموضوع والحوار فيه.
وتبين “استطعت أن أحقق نجاحا كبيرا وملموسا في تقوية المجتمع عن طريق المدربين”، لافتة إلى أنها ومن خلال جميع الموظفين والمتطوعين في الهلال الأحمر ومنذ العام 1953 عملوا على تقوية قدرات المرأة تجسيدا للمبادئ السبعة التي يقوم عليها الهلال الأحمر الأردني وهي؛ عدم التحيّز والحياد، الاستقلالية، الخدمة التطوعية، الوحدة العدل والمساواة، المبنية في أساسها على الأعمال الإنسانية.
وتعمل طوقان في الفترة ما بين 2016-2020، ضمن استراتيجية تتناول من خلالها محاور الهلال الأحمر وهي؛ الصحة، تنمية القدرات، كيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية، الخدمات الإنسانية، التعليم وتثقيف المجتمع ونشر المبادئ الإنسانية للشباب والمجتمع المحلي، كما تسعى لانخراط الشباب في المجتمع، لاسيما وأنهم مستقبل البلد وأدواته.
وإلى جانب العمل في الهلال الأحمر، تعمل طوقان رئيسا للجنة الاجتماعية وعضو هيئة إدارية في جمعية “عقبال” الخيرية، التي تقوم من خلالها على توعية المجتمع لإدماج النوع الاجتماعي وما يرتبط به من مواضيع في برامج ومشاريع الهلال الأحمر كافة وبالتالي أثره في تقوية المجتمعات المحلية، وبخاصة المرأة. وتمكنت طوقان من خلال جهودها وجهود فريق عملها في جمعية “عيبال” من زيادة عدد العائلات المحتاجة المستفيدة حتى وصل إلى 147 عائلة؛ حيث تشرف الجمعية على رعاية تلك العائلات وإعطائها رواتب شهرية.
وتبين طوقان قائلة “نشأت على العمل التطوعي وهو جزء من حياتي؛ حيث ترعرعت في أسرة تحب العمل التطوعي وتقوم به”.
وكان والد طوقان من مؤسسي مراكز التدريب المهني في وكالة الغوث، في حين كانت والدتها من أوائل مؤسسي مشروع التطريز في الوكالة فكانت وراء اهتمام الناس بالأشغال اليدوية وأهميته للناس الأقل حظا.
وتردف “الاهتمام والدعم الكبير الذي حظيت فيه من عائلتي هو سبب نجاحي واستمراري”؛ حيث كان والدها داعما لها باستمرار ولم يتوان يوما عن دعمها والوقوف إلى جانبها في أعمالها التطوعية كافة، حتى أنه كان يرافقها في الكثير من أعمالها التي يصعب عليها الذهاب إليها وحدها.
وتوضح قائلة “لم يمنعني والدي يوما عن المشاركة في الأعمال التطوعية حتى وإن كانت صعبة”؛ حيث شجعها والداها منذ أن كانت على مقاعد الدراسة على دخول النوادي وأخذ دورات تدريبية والمشاركة في حملات في القرى والمناطق الأقل حظا، فضلا عن تطوعها في نادي الخدمة المدنية وتنمية المجتمع المحلي في واشنطن أثناء دراستها؛ حيث شاركت في مشاريع تنموية في تلك النطقة التي تعد الأشد فقرا وإجراما.
وتضيف “زوجي رحمه الله كان له دور كبير في نجاحي، فقد اجتمعنا والتقينا في العمل التطوعي”، متابعة أن فخر أولادها بما تقوم به وتقديرهم لجهودها وتعبها ما بين المنزل والعمل هون عليها كثيرا.
وللدورات التدريبية التي كانت تتلقاها طوقان من خلال الهلال الأحمر دور كبير في صقل شخصيتها وتطوير مهاراتها؛ حيث حصلت على دورات في تخصصات النوع الاجتماعي، إدارة المشاريع، التخطي.
دخول طوقان في نادي الأردن للخطابة والقيادة للتعليم الذاتي كان له دور في تقوية قدراتها ومهارات الاتصال لديها والتواصل.
وتتابع “يكمن السر في نجاحها في التدريب ومعرفة احتياجات الناس والإنصات لهم وعدم فرض أشياء عليهم وإنما مناقشة ما يواجهونه في حياتهم اليومية، وهو ما كان له تأثير كبير عليهم”.
وكان لنشأة طوقان وقضاء معظم طفولتها في لبنان تأثير في شخصيتها؛ حيث كانت تلتقي بالمستشارين وأصحاب القرار في منظمات دولية بحكم طبيعة عمل والدها، وهو ما أثرى خبرتها ومعرفتها في العمل التطوعي.
وحصلت طوقان على مجموعة من الجوائز كان أهمها جائزة رفيدة بنت سعد الأسلمية للعام 2016، حصلت عليها من المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر ، كما حصلت على أعلى وسام للعمل المتميز “الوسام الذهبي” للعام 2015، كما حصلت على جائزة المتطوع المتميز في الهلال الأحمر، إلى جانب حصولها على جائزة الخطابة وتم تعيينها كرئيسة لنادي الخطابة في الأردن ولبنان.
وعن دور المرأة في الأردن، تؤكد طوقان أن المرأة الأردنية استطاعت أن تتجاوز مراحل كثيرة وأن تصنع حضورا قويا ودورها إيجابي جدا، إلا أنها ما تزال بحاجة إلى تمكين اقتصادي وتوحيد جهود، لافتة إلى ضرورة عمل المنظمات النسائية والحقوقية كافة بطريقة ممنهجة وتحديد الأولويات وضرورة التواصل والتشبيك بين المنظمات والجمعيات وإيقاف العمل على نظام الحملات فحسب.
وتضيف أنه لا بد من التوجه لمعرفة احتياجات المرأة وسبب عزوفها عن العمل وتحديدها ورصد تلك الاحتياجات والسعي لإيجاد حلول جذرية.